mano-foughala
mano-foughala
mano-foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان المغرب العربي الكبير
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الى طالبات العلم وتاليات القرءان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
الزاعيم
الزاعيم
Admin


عدد المساهمات : 1456
نقاط : 14768
النقاط التميز : 6008
تاريخ التسجيل : 28/10/2009
العمر : 39

الى طالبات العلم وتاليات القرءان Empty
مُساهمةموضوع: الى طالبات العلم وتاليات القرءان   الى طالبات العلم وتاليات القرءان Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 9:38 am

الى طالبات العلم وتاليات القرءان Icon

من الأمور التي ينبغي على طالبات العلم عموماً، وعلى حاملات القرآن والتاليات له خصوصاً معرفتها والحرص عليها ووضعها نصبَ الأعين أن نكون جميعاً طلاب نجاة قبل أن نكون طلاب علم، وهذه المسألة في الحقيقة من المُهمّات التي أهملها كثير من الطلاب والطالبات في هذا الحين، والله المستعان.

فينبغي علينا جميعاً أن نطلب النجاة عند الله تبارك وتعالى، قبل كوننا طلاب علم، واعتبار هذه القضية تحمل المرء -طالباً أو طالبة- على التعبّد بالعلم، حيث أنّ كثيراً من الطلاب وكثيراً من الطالبات للأسف قد تجد سلوكهم لطريق الطلب، واشتغالهم بكتاب الله تبارك وتعالى ربّما كان فيهِ شيء من الخلل والدّخن، حيث يتخذ ذلك على صورة الحرفة والمهنة والوظيفة،.. والسّر في ذلك والسّبب أنهم لم يعتبروا أنفسهم طلاب نجاة أولاً وابتداءً قبل كونهم طلاب علم.

فلهذه القضية ارتأيتُ أن يكون الموضوع بعد الاقتراحات التي وُجّهت حول هذا الأمر – وقد رأيتها طيبة ووافقتْ ما كان يجول في نفسي- لأجلِ أن نكون طلاب نجاة قبل أن نكون طلاب علم يقوم على الربط بين الاشتغال بكتاب الله عز وجل والحديث عن كلام الله سبحانه وتعالى والاعتناء به حفظاً وتلاوة وتدبّراً بقضية التزكية... تزكية النفوس وإصلاح القلوب.

فمن الآثار في هذا الباب ما أثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقول: "أنزل القرآن ليَعْمَلوا بهِ" أي أنّ الله تبارك وتعالى قد أنزل على الناس كتابه وكلامه ليعمل به "فاتخذوا دراسته عملاً" ولا شكّ ولا ريب أنّ دراسة كتاب الله مطلوبة، ولكنه رضي الله عنه يقصد مُجرّد الدّراسة أو الحفظ مع التفريط في العمل به، بحيث قد تجد بعض الطالبات يحرصن على حفظه دون الاعتناء بالعمل به، ثمّ قال: "إنّ أحدكم ليقرأ القرآنَ من فاتحته إلى خاتمته ما يُسقط منه حرفاً" بمعنى أنه قد أقام حروفه لكنّ المشكلة -كما قلتُ سلفاً- في قضية العمل به، ممّا يدلّ على أنّ السّلف الصّالح رضوان الله عليهم يربطون بين الاشتغال بالعلم عموماً والاشتغال بكتاب الله خصوصاً وقضية العمل، وقضية التزكية، وقضيّة إصلاح النفس، لأنهم طلاب نجاة قبل كونهم طلاب علم. إذن يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أنزل القرآن ليعملوا بهِ، فاتخذوا دراسته عملاً، إنّ أحدكم ليقرأ القرآنَ من فاتحته إلى خاتمته ما يُسقط منه حرفاً، وقد أسقط العمل به".

ويقول بعض العلماء: "إنّ العبدَ ليتلو القرآنَ فيلعنُ نفسه وهو لا يعلم، يقول –أي هذا العبد- : ألا لعنة الله على الظالمين –خلال قراءته لكتاب الله تعالى يمرّ بهذه الآيات- ويكون هو ممّن ظلم . يقول "ألا لعنة الله على الظالمين" وهو ظالم لنفسه، "ألا لعنة الله على الكاذبين" وهو منهم! ".

كلّ ذلك لقضيّة العمَل، والرّبط بين الاعتناء بكتاب الله حفظاً وتلاوة وقضية تزكية النفس وأن يكون اهتمامنا واشتغالنا بكتاب الله عز وجل القصد منه العمل وتزكية النفس وإصلاح القلوب أصالة وأساساً حتى نرقى إلى المقامات العليّة والمنازل السّنية.

وعليه أقول: لقد امتنّ الله عز وجل على عباده بكتابه المُنزل الذي هو كلامه... والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حتى اتسع على أهل الافتكار طريق الاعتبار بما فيه من القصص والأخبار، واتضح به سلوك المنهج القويم والصراط المستقيم بما فصّل فيه الله عزّ وجلّ من الأحكام وفرق بين الحلال والحرام فالقرآن الكريم هو الضياء والنور، وبه النجاة من الغرور، وفيه شفاء لما في الصّدور، من تمسّك بهِ فقد هُدي، ومن عملَ بهِ فقد فاز.

وفي الصّحيحين قوله عليه الصلاة والسلام: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" فجعل صلوات ربي وسلامه عليه دلائل الخيرية: الاعتناء بكتاب الله جلّ وعلا والاشتغال به وتعلمه وتعليمه.. وهكذا دواليك.
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه يقول: "إذا أردتم العلم فانثروا القرآنَ فإنّ فيه علم الأولين والآخرين".

ومن الآثار الطيبة في هذا الباب والتي تبعث على الاعتناء والاشتغال بكتاب الله تعالى والحرص على حفظه وتلاوته ومدارسته ما أثر عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يُوحَى إليه" .
وهذا من عظيم الكلام، وهو ممّا يبعثُ النفس التواقة المتشوقة إلى المقامات والمنازل السنية عند الله جل وعلا على الاشتغال بكتاب الله تعالى. كيف لا؟! وهو كلام الله سبحانه وتعالى.

ولذا حثّ عليه الصلاة والسلام على تعلمه، وحث عليه الصلاة والسلام على تعاهده... كما حثّ على التغني به. كما في الحديث الصّحيح من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: "تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وتغنوا به فوالذي نفسي بيده لهو أشدّ تفلتاً من المخاض في العُقل " إشارة إلى الإبل.

وكما قال بعض أهل العلم: في هذا الحديث الشريف جُملة من العلم والفوائد:

أولاً: الأمر بتعلم القرآن.
ثانياً: تأكيد ندب المواظبة على تلاوته خشية التفلت.
ثالثاً: الحثّ على التغني به.

وقد بيّن عليه الصلاة والسلام فضل الحافظ لكتاب الله، الماهر فيه. فقال صلوات ربي وسلامه عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".
وفي لفظ لهذا الحديث: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران"
. فهذا الحديث بلفظيه يُبيّن فضل حُفاظ القرآن الماهرين بتلاوته، وأنهم كالملائكة حملة القرآن كما قال ربنا الرحمن: "كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ" سورة عبس 12-16

وفيه كذلك تنبيه لحامل القرآن أن يتشبّه في أحواله وأعماله بهؤلاء الملائكة، إذ المدح -كما يقول أهل العلم- لا يلحقه بمجرّد الحفظ، أي أنّ الأخت التي حفظت كتاب الله عز وجلّ لا يلحقها المدح حتى تكون كالكرام البررة في الكرم والبرّ وغير ذلك من الصّفات والمحامد. وهذا ما يُعرف عند أهل العلم بالإشارة، وفي باب التفسير يُسمّى بالتفسير الإشاري.

والتفسير الإشاريّ بالمناسبة عُرف به المتصوفة، لكنّ أهل السّنة قالوا لا بأس به بجملة من الشروط والضوابط، وكان الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى يستعمله كثيراً تبَعاً لشيخه ابن تيمية وهذا واضح من صنيع الإمام ابن القيم في كتابه "مدارج السالكين" .
الشاهد أنّ هذا التفسير الذي يُسمّى بالتفسير الإشاري كان معروفاً عند المتصوفة وقد غلوا فيه حتى أخرجوا الآيات ومعاني الألفاظ عمّا أريد منها؛ فلا بأس من هذا التفسير الإشاري بضوابطه العلمية دون غلو ودون أن نبعد النجعة فنقع في ضيعة كما يُقال.

الشاهد أنّ هذا الحديث –كما قلنا- فيه مدح وثناء على الحافظ لكتاب الله سبحانه وتعالى.

كذلك بيّن عليه الصلاة والسلام في الحديث الصّحيح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما منازل الحفاظ لكتاب الله تبارك وتعالى، يقول عليه الصّلاة والسّلام: "يُقال لصَاحب القرآن اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتلُ في الدنيا فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرأها".

لأجل هذا الفضل وغيره كثير، كان سلف الأمة من أصحاب النبي عليه الصّلاة والسّلام أحرص الناس على الاعتناء بكتاب الله عز وجل حفظاً وتعلماً وعملاً فحريّ إذن بمن بعدهم أن يسلك هُداهم وأن يعرف عنهم كيف كانوا يأخذون هذا القرآن فإنهم كانوا رضيَ الله عنهم يُغَذّوْن به في الليل والنهار، يُصبّحهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويُمَسّيهم بجديده.

في الأثر الصحيح الذي أخرجه ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسـيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "كانَ الرجلُ منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيَهن والعمل بهن . ¨
فتأملوا بارك الله فيكن كيف كان السّلف يربطون بين الاعتناء بكتاب الله تبارك وتعالى وقضية تزكية النفس.

وفي الأثر الصّحيح الذي أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وغيرهما عن أبي عبد الرّحمان السّلمي، قال: حدثنا من كان يقرؤونا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترئون من رسول الله عليه الصّلاة والسّلام عشر آيات ولا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه –أي العشر- من العلم والعمل، قالوا: "فتعلمنا العلم والعمل".

هكذا كان حال السّلف رضوان الله عليهم تعلموا العلم والعمل جميعاً، وجمعوا بين الاعتناء بكتاب الله والعمل وربطوا ذلك بقضيّة تزكية نفوسهم وإصلاح قلوبهم، وهذا هو الأصل الذي ينبغي أن نسير عليه، تصفية وتربية، تخلية وتحلية .
وأول آية نزلت من كتاب الله عز وجل كما هو معلوم هي آية: "اقرأ باسم ربّك".
ذكر بعض أهل العلم أنّ الله تبارك وتعالى لم يقل "اقرأ باسم الله" أو "اقرأ باسم العزيز" أو الرّحيم، أو غيرها من أسماء الله جلّ وعلا، وإنما قال "اقرأ باسم ربّك"؛ فقوله "اقرأ" إشارة إلى العلم، وإلى التصفية، وإلى التعلم. وقوله "ربّك" فالرّب إشارة إلى التربية لأنّ الله عز وجل قد ربّى عباده بنعمه سبحانه وتعالى.

فأول آية نزلت من كتاب الله عز وجل تدلّ على الذي ذكرناه: الجمع بين العلم والعمل، الربط بين الاعتناء بكتاب الله تعالى وتزكية النفس وإصلاح القلب، فكما قلت سلفاً ينبغي أن نكون جميعاً طلاب نجاة قبل أن نكون طلاب علم؛ فالسّلف تعلموا العلم والعمل جميعاً وهذا حالهم رضوان الله عليهم أمّا حال الكثير منا – والخير موجود – فيندى له الجبين فنسأل الله جلّ وعلا المسامحة، ونسأله العفو والعافية فكثير منا –إلا من رحم الله- قد اتخذ القرآن مهجوراً.

ربّما يكون الإنسان -وانتبهن إلى هذه – من المشتغلين بكتاب الله تعالى من جهة الحفظ ولكنه مفرط من جهة العمل، لا يقيم حدوده، ولا يمتثل أمره، ولا يجتنب نهيه؛ فهذا يدخل فيما يسمى:ُ بهجر القرآن.
يقول الله جلّ وعلا: "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" سورة الفرقان 30

يقولُ العلامة ابن ناصر السّعدي رحمه الله في تفسيره "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" عند تفسيره هذه الآية: "وقال الرّسول منادياً لربّه وشاكياً له إعراض قومه عمّا جاء به ومتأسفاً على ذلك منهم "يا ربّ إنّ قومي" الذي أرسلتني لهدايتهم وتبلغيهم "اتخذوا هذا القرآن مهجوراً" أي قد أعرضوا عنه وهجروه وتركوه مع أنّ الواجب عليهم الانقياد لحكمه، والإقبال على أحكامه، والمشيُ خلفه".

ومن نفيس كلام ابن القيّم رحمه الله تعالى بخصوص هذه المسألة قوله:

"هجر القرآن أنواع:
أحدها: هجرُ سماعه، والإيمان به، والإصغاء إليه.
والثاني: هجرُ العملِ به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأهُ وآمن به.
والثالث: هجرُ تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه إلى آخر كلامه.
والرابع: هجرُ تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. أي: الله تبارك وتعالى.
والخامس: هجرُ الاستشفاء والتداوي به من جميع أمراض القلوب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به.

قلت : مع أنّ الله تبارك وتعالى يقول: "وننزل من القرآن ما هو شفاء" و"مِن" هنا بيانية وليست تبعيضية، وهي تفيد الجنس، أي أنّ كلّ القرآن شفاء ورحمة.
ثمّ يقول ابن القيم بعد ذلك: وكلّ هذا داخلٌ في قول سبحانه وتعالى :"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" سورة الفرقان 30

قال ابن القيم: وإن كان بعضُ الهجر أهون من بعض".

إذن -كما قلتُ سلفاً- أخواتي الكريمات لا بدّ من ربط الاعتناء بكتاب الله عز وجل بقضية التزكية وأن نكون جميعاً طلاب نجاة قبل أن نكون طلاب عِلم. وقد أوضح كذلك الإمام ابن القيم هذه الحقيقة في كلام له آخر في مفتاح دار السعادة حيث بيّن رحمة الله عليه أنّ أهل القرآن هم الذين اعتنوا به مع العمل به أولئك هم أهل القرآن حقاً، وهم أهل القرآن وخاصّته. يقول ابن القيم في مفتاح دارالسّعادة وهو يتكلم عن حقيقة التلاوة، ما معنى التلاوة، يقول: "وهذه المتابعة هي التلاوة التي أثنى الله تبارك وتعالى على أهلها، في قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ" سورة فاطر 29 وفي قوله تعالى: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ" سورة البقرة 120 والمعنى: يتبعون كتاب الله حق اتباعه. وقال تعالى: "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ" سورة العنكبوت 45

وقال تعالى: "إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وأن أتلو القرآن * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ..."سورة النمل 91-92

يقول ابن القيم: فحقيقة التلاوة في هذه المواضع هي التلاوة المطلقة التامة، وهي تلاوة اللفظ والمعنى؛ فتلاوة اللفظ جزءٌ من مُسمّى التلاوة المطلقة، وحقيقة اللفظ إنما هي الإتباع. يقال: أتلُ أثرَ فلان، وتلوتُ أثره وقصصته بمعنى تبعته ومشيت خلفه.
يقول ابن القيّم: ومنهُ قوله تعالى: "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا"سورة الشمس 1-2 أي تبعها في الطلوع بعد غيبتها، ويُقال: جاؤوا يتلو بعضهم بعضاً أي يتبع، ويُسمّى تالي الكلام تالياً لأنه يُتبع بعضَ الحُروفِ بعضاً ولا يخرجها جملة واحدة فكلما انقضى حرف أو كلمة اتبعه حرف آخر وكلمة أخرى، وهذه التلاوة وسيلة وطريق إلى أصل الأمر وأساسه وهو التزكية والعمل.

يقول ابن القيم بعد ذلك مباشرة: والمقصود هو التلاوة الحقيقية وهي تلاوة المعنى واتباعه تصديقاً بخبره وائتماراًً لأمره وانتهاءً عن نهيه وائتماماً به حيثُ ما قادك انقدتَ معه؛ فتلاوة القرآن تتناول تلاوة لفظه ومعناه وتلاوة المعنى أشرفُ من مجرّد تلاوة اللفظ، وأهلها هم أهل القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والآخرة؛ فإنهم أهل تلاوةٍ ومتابعةٍ حقًّاً".
إذن أكد الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى هذا الذي قلناهُ سلفاً فيما يخص قضية التصفية والتربية وتزكية النفوس.

وليعلم أن القرآن الكريم هوَ أصلّ العلوم وأمّها، ومن علمائنا المشاهير الذين عُرِفوا بالاشتغال والاعتناء بالقرآن الكريم العلامة "محمّد الأمين الشنقيطي" رحمه الله صاحب كتاب "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" ولذلك كانَ يوصف عند ذِكره بـ"القرآني"؛ فيقال "محمّد الأمين الشنقيطي القرآني"... وتلميذه هو الشيخ "محمّد سالم عطيّة" رحمه الله.

يذكر الشيخ "محمّد سالم عطيّة" أنه مرّة قالَ لشيخه ســائلاً: ما السِرّ يا شيخنا باعتنائك الشديد بالتفسير وبالقرآن عموماً وبعلم أصول الفقه .
وفعلاً كان الشيخ الإمام "محمّد الأمين الشنقيطي" رحمه الله شديد الاعتناء بذلك.
فكان جواب الشيخ محمّد الأمين الشنقيطي: أما اعتنائي بأصول الفقه لأنّ الجهلة من العلماء بأصول الفقه هم عوام العلماء.

ولذلك نجد في كتب العلماء هذا المصطلح، قال "عوام العلماء"، ذكر "عوام العلماء" وربّما أجمع "عوام العلماء" وهم الذين ليست لهم دراية بأمور الفقه. قال الشنقيطي: وأمّا اشتغالي واعتنائي بالقرآن لأنّ القرآن هو أمّ العلوم، وهذا هو الشاهد عندنا، ولذلك الشريعة برمّتها ترجعُ إلى كتاب الله تبارك وتعالى وترجع إلى القرآن، وهذا أمرٌ معلوم ومُقرّر عند أهل العلم حتى قال بعضهم ناظماً ذلك:


ولم يُفرّط فيه من شيء ولا *** بـَل فيهِ بيّن الذي قدْ أشكلَ
من كلّ ما نحتاجه في الدين *** واحتاج في الدين إلى التبيينِ


ففي هذا دلالة واضحة على أنّ القرآن الكريم قد اشتملّ على كليّات الشريعة وأصولها، وليس المراد أنه مبين لكلّ شيء من المسائل التفصيلية وإنما المراد أنه اشتمل على كليّات الأمور وأصول المسائل كلها.
وقيل:


وجاء في القرآن ذو البيان
لكلّ شــيء وبه التبيان
على التـرتب الذي تقدّما
فعالمٌ به لقد تعلمــــا
من جملة الشرع ولا يعوزه
علـمٌ وكله بهِ يســـوده


فكلّ هذا يدلّ على ماذا؟ على ما ذكرناه من أنّ القرآن هو أمّ العلوم، وأصل العلم هو القرآن الكريم... بل إن من لطائفما جادة به قريحة الإمام الشاطبي رحمه الله أنه استدلّ على أنّ القرآن يشمل أصول المسائل وكليّات المسائل وعليه فهو أصل العلم وأمّ العلوم، من حديث أمنا عائشة رضي الله عنه لما سُألت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام قالت: "كانَ خُلقه القرآن".
فاستنبط الإمام الشاطبي رحمه الله أنّ القرآن قد اشتملّ الأصول والكليّات من هذا الحديث.

إذا كان القرآن الكريم هو أصل العلوم وأمّها وأساسها فمن المُهمّات لحاملات القرآن والتاليات الإخلاص في ذلك.
أي نعم: تصحيح النية أخواتي الكريمات، لأنه كما يذكر أهل العلم في كتب طلب العلم أوّل ما ينبغي أن يتحلى به طالب العلم هو "الإخلاص" وما دام القرآن هو أمّ العلوم فلا بدّ من الإخلاص فيه حتى يرفعكِ الله عز وجل –أختي الكريمة- بهذا القرآن.
ورد الحديث في صحيح الإمام مسلم أنّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواماً ويضع آخرين".

فلا يتصوّر بأنّ الله عزّ وجلّ يرفع المرء المشتغل بكتاب الله تعالى وهو لم يخلص!

إذن لا بدّ من الإخلاص وتصحيح النيّة؛ فهذا من المُهمّات لحاملات القرآن والتاليات وبذلك تزكوا النفس وينصلح القلب، وهذا الإمام السّيوطي رحمه الله وكان يتكلم عن الحديث وعن آداب من يريد أن يشتغل بالحديث ومن باب أولى "القرآن يقول ناظما في ألفيته:


وصحح النية ثم استعملِ *** مكارم الأخلاق ثمّ حصّلِ


والاعتناء بكتاب الله عز وجلّ هو من جملة الطاعات والقربات و"الإخلاص" هو شرط من شروط صحّة القربة والطاعة "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء" سورة البينة 5 .
فأمر الله عز وجل -كما يقول الشوكاني في أدب الطلب- بالعبادة، وقيّدها بالإخلاص الذي هو روحها.
ومن ذلك الاعتناء بكتاب الله.
فالعمل عموما ينتقل بلا إخلاص من أعظم الطاعات والقربات إلى أحط وأخسّ المخالفات.
"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء".
وكما في الحديث الصحيح: "إنما الأعمال بالنيات" ولذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى، في كتابه الشهير "التبيان في آداب حملة القرآن" في الباب الرابع؛ تكلم عن آداب متعلم القرآن ومعلمه فأول ما بدأ به قضية الإخلاص، وقضيّة تصحيح النيّة، فذكر هذه الآية (وما أمروا...) وذكر بعد ذلك حديث "إنما الأعمالُ بالنيّات".

وهذا صنيع أهل العلم في كتبهم وبخاصّة أئمة الحديث يستفتحون مصنفاتهم بحديث "إنما الأعمال بالنيات" والسّر في ذلك كما يقولُ أهل العلم تنبيهاً للطالب على تصحيح النيّة لأنّ الإخلاص عزيز، وكما كان يقول سفيان الثوري رحمه الله: ما عالجتُ شيئاً أشدّ عليّ من نيّتي لأنها تتقلبُ علي.

فيا أخواتي الكريمات الإخلاص الإخلاص عند طلب العلم عموماً وعند الاشتغال بكتاب الله عزّ وجلّ خصوصاً فبذلك ترزقينَ الفهم عن الله إن شاء الله تعالى .

يقول: الروذاباري رحمه الله :"العلمُ موقوف على العمل، والعمل موقوف على الإخلاص، والإخلاص لله عزّ وجلّ يورّث الفهم عن الله".

إذن يبتغي الإنسان باشتغاله بكتاب الله تعالى وجه الله عز وجل ونيل الأجر من الله والرضا من ربّ العزة جلّ في علاه لا يريد المرء بذلك مالاً ولا مدحاً ولا جاهاً ولا تصدّر مجالس ولا التفوق على الأقران ولا أن يُجعل الاشتغال بكتاب الله سلماً لأعراض وأغراض.
وعندما تكلم أهل العلم عن الأمور التي تعين على الفهم ذكروا الإخلاص.

ولذلك قال أهل العلم : سوء القصد، يورث سوء الفهم. وحُسن النية تورّث حُسن الفهم.

الله الله في الإخلاص عند اشتغالنا بكتاب الله عزّ وجلّ خاصة.
والإخلاص هو: تصفية العمل عن كلّ شوب... التصفية من كلّ ما عدا الله .
وينبغي على المشتغلة بكتاب الله أن تدندن وتتحدث حول هذه الأمر دائماً، لأنّ الإخلاص عزيز -كما يقول بعض السّلف-.

في حديث –وهو حديث حسن - جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "دخل النبي المسجد فإذا بهِ قومٌ يقرأون القرآن فقال عليه الصلاة والسلام: اقرأوا القرآن وابتغوا بهِ الله عز وجل من قبل أن يأتيَ قومٌ يقيمونه إقامة القدح يتعجّلونه ولا يتأجلونه"
ما معنى يتعجلونه ولا يتأجلونه؟ يتعجلون أثر ذلك أي أنهم يريدون أجر ذلك من الناس في الدنيا من مدح وثناء، ولا يتأجلون الأجر من الله في الآخرة.
الشاهد قوله :"وابتغوا به الله عز وجل".

كذلك في الحديث الشهير الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: "إنّ أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأوتي به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال:قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت لكنك قاتلت لكي يقال جريء؛ فقد قيل ذلك ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن -وكذلك المرأة فالنساء شقائق الرجال- فأوتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت بها قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت بل تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأوتي به؛ فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال: ما تركت في سبيل تحب أن ينفق فيها لك. قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .
نسأل الله السّلامة والعافية.

فهذا الحديث كما يذكر الإمام النووي في شرحه على مسلم فيه خوفٌ شديد لمن لم يخلص لله عزّ وجلّ، ولذلك قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب الأذكار: "أول ما يؤمر به الإخلاص في قراءته وأن يريد به وجه الله تبارك وتعالى وأن لا يقصد به توصّلاً إلى شيء سوى ذلك".

آخر شيء:

قد يُقال: هل هناك أمورا تحمل المشتغلين بكتاب الله على تحقيق الإخلاص؟
لا شكّ أنّ هناك أمورا تعين على ذلك:

أوّل هذه الأمور -أخواتي الكريمات- أن تنويَ المشتغلة بكتاب الله عزّ وجلّ نيل الرّضا من الله تعالى والأجر من الله إذن لا بدّ أن نستحضر جُملة من النيّات... وأوّل شيء أن ننوي نيل الرضا من الله تعالى والأجر من الله والدار الآخرة.

الأمر الثاني: ننوي إحياء القرآن وإحياء الدين. لأنّ القرآن هو أمّ العلوم وأساس الدين.

الأمر الثالث: أن ننوي حفظ هذا الدين وحفظ الإسلام.
نعم الله عزّ وجلّ تكفل بحفظ القرآن "إنا نحنُ نزلنا الذكرَ وإنا لهُ لحافظون" لكن لذلك أسباب؛ فاجعلي أختي الكريمة نفسكِ سبباً لهذا الحفظ.

الأمر الرابع: تنوين إزالة الجهل عن نفسك وعن غيرك.

قال الإمام أحمد بن حنبل: العلمُ لا يعدله شيء لمن صحّت نيّته.
فقالوا: يا إمام كيف تصحّ النية في العلم؟ فقال: أن ينويَ رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.

هذه جُملة النيّات التي ينبغي استحضارها لتحقيق الإخلاص عند الاشتغال بكتاب الله عزّ وجل، وقد جمع هذه النيّات بعضهم في أبيات فقال:


سـنية في كل حـالٍ يأتِ
أصـلٌ إذ الأعمالُ بالنيات
فبطلاب العلم ينوي الداري
نيل رضـا الله وتلك الدارِ
إحياءه للدين والإزالـــة



عن نفسـه والغير ذي الجهالة
إبقاء الإســلام فبالعلم بقـي
عند ذوي السبق حماة السـبق


وهذه النيّات تعين على تحقيق الإخلاص، وأسأل الله عزّ وجلّ أن يرزقني وإياكنّ الإخلاص في القول والعمل. أكتفي بهذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكن... بارك الله في الجميع، وجزاكم الله خيراً.



الشيخ
أبو أويس الإدريسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mano-foughala.yoo7.com
 
الى طالبات العلم وتاليات القرءان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أنواع المياه المذكورة في القرءان الكريم.
» العلم النافع ............. والعلم الضار
» سورة العصر وطلب العلم
» ثلاث معجزات قرآنية ثبتها العلم الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
mano-foughala :: القرآن الكريم-
انتقل الى: