بسم الله الرحمن الرحيم
حمداً لمن له الخلق كله، وله الأمر كله، نعمه سابغة، ومننه بالغة، بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، لا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأفكار.
والصلاة والسلام على نبيه المختار، صلاة دائمة باقية ما تعاقب الليل والنهار، وآله وصحبه الأئمة الأخيار، الصادقين الأبرار، وعلى من تابع هديهم واقتفى أثرهم واستمسك بسنتهم على مدى الأيام وتوالي الأعصار.
وبعد...
فهذه كلمات مختصرات أخطها على عجل محاولاً فيها نقل بعض ما عانيناه مما عايناه بأنفسنا، أو سمعناه ممن لقينا ورأينا من إخواننا المأسورين الذين كانوا معنا، أو نقل لنا عن طريق من رآهم من إخوانهم.
راجياً بذلك أداء أدنى أدنى حق من حقوق إخواننا علينا، ومن ثَم إعطاء صورة واضحة وتصوراً كاملاً لحقيقة ما يجري وارء القضبان، وما يقع خلف أسوار عباد الصلبان، مما هو عند الكثيرين من المسلمين كطيف خيال، أو أضغاث أحلام، أو وساوس وسنان.
مع التنبيه على أن ذكر قصة عينية أو حادثة معينة لكل ما أشير إليه وأبيِّنه لا يسعه هذا المقام، ولا يسمح به الوقت حالياً، فمرامي هنا ليس التقصي والتفصيل والإلمام، بل الغرض الآن هو مجرد الإشارة، وهي كافية لكل لبيب، وذلك بما يؤدي المقصود ويوفي بالمطلوب.
والعزم - إن شاء الله - على استخراج كتاب واف في ذلك، فما هذه الوراقات إلا كمقدمة قاصرة سابقة، تشير إلى بعض جوانب موضوعه، وتدل على جزء من موضوعه، ألقيها بين يدي قادة المجاهدين، وجنودهم المصابرين، وأنصارهم المؤيدين، ممن يحملون همَّ الإسلام حقاً، وتؤرقهم همومه صدقاً، ويدركون عظم المسئولية، ويستشعرون عبء الأمانة، ليكونوا على علم حقيقي، ومعرفة جلية بجانب من جوانب معركة الإسلام الكبرى المصيرية التي يخوضها اليوم، والتي تعددت جبهاتها، وتنوعت وسائلها، وترامت ساحاتها، ومع ذلك فقد اتحد مقصدها، وتحدد هدفها، {
ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، {
ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}، {
ود الذين كفروا لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ممن بعد ما تبين لهم الحق}، وكما قال أسلافهم لأسلافنا: {
وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}.
فيضعوا بذلك هذا الملف - ملف أسارى المسلمين - في موضعه اللآئق به، فيخرجوه من أقبية النسيان، ويمزقوا عنه أغلفة الطي، ويميطوا حجب الكتمان، وفاء لأسود كبلتها القيود، وحالت دونها أسوار وسدود، تئن تحت وطأة الضيم، وتئط تحت ثقل الامتهان، وتتقلب في جحيم الظلم، ويثقلها ركام العجز.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو المستعان وعليه التكلان.
</STRONG></SPAN></SPAN>
</SPAN></STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN></SPAN>
</STRONG></STRONG></TD></TR>